القائمة الرئيسية

الصفحات

كيفية إعداد دراسة جدوى واختيار المشروع المناسب

كيفية إعداد دراسة جدوى واختيار المشروع المناسب

كيفية إعداد دراسة جدوى واختيار المشروع المناسب

دليل شامل لفهم خطوات إعداد دراسة الجدوى وأهميتها في نجاح المشاريع

يتفادى معظم أصحاب المشروعات وضع دراسة جدوى لمشروعاتهم الجديدة، فهم يرون أنه لا يتحتم على صاحب المشروع وضع أي دراسة جدوى عن المشروع إلا إذا كان بقصد عرض هذه الدراسة على أحد الممولين. وهذا تفكير غير علمي، فمن الضروري أن تتوفر لكل مشروع دراسة جدوى قبل البدء فيه. فدراسة الجدوى تساعد على الكشف المبكر عن نقاط الضعف المحتملة في المشروع (الرؤية المستقبلية للمشروع)، وهي تبرز نقاط القوة الكامنة فيه وطرق توظيفها. فالمشروع الذي تبخل عليه بدراسة جدوى لا يستحق أن تبدأه أو تخاطر به. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل مفهوم دراسة الجدوى، أجزائها الرئيسية، ومراحل إعدادها.

ما هي دراسة الجدوى؟

دراسة الجدوى هي ببساطة مخطط تفصيلي لأهداف المشروع وخطة العمل المقترحة لتحقيق هذه الأهداف. لا تقتصر الدراسة على تحديد الأهداف فقط، بل تشمل أيضاً إبراز المشكلات والتحديات المحتملة التي قد تواجه المشروع أثناء التنفيذ أو التشغيل، مع اقتراح طرق عملية للتعامل مع هذه المشكلات والتغلب عليها. إنها بمثابة خارطة طريق توجه صاحب المشروع وتساعده على اتخاذ قرارات مستنيرة.

أجزاء دراسة الجدوى

تتكون دراسة الجدوى الشاملة عادةً من عدة أجزاء متكاملة، يغطي كل جزء منها جانباً محدداً من جوانب المشروع المقترح. الأجزاء الرئيسية هي:

1. الجزء النظري (فكرة المشروع وتوصيفه)

هذا الجزء يضع الأساس للدراسة بأكملها، ويتضمن تفصيلاً للنقاط التالية:

  • فكرة المشروع: شرح واضح ومفصل للفكرة الأساسية للمشروع والمنتج أو الخدمة التي سيقدمها.
  • الافتراضات الأساسية: توضيح الافتراضات التي بنيت عليها فكرة المشروع (مثل وجود طلب معين في السوق، توفر تكنولوجيا محددة، إلخ).
  • مخرجات المشروع: تحديد المنتجات أو الخدمات النهائية التي سيقدمها المشروع.
  • طريقة الإنتاج والتشغيل: وصف لعمليات الإنتاج أو تقديم الخدمة، والتكنولوجيا المستخدمة (الفن الإنتاجي).
  • المواد الخام والموردين: تحديد المواد الخام اللازمة والعلاقات المتوقعة مع الموردين والأطراف الخارجية الأخرى.
  • رؤية النجاح: تقييم مبدئي لاحتمالات نجاح المشروع بناءً على المعطيات الأولية.
  • التمويل الإجمالي المطلوب: تقدير مبدئي للتكلفة الإجمالية اللازمة لإقامة المشروع.

2. الجزء التسويقي (دراسة السوق)

يعتبر هذا الجزء حاسماً لتقييم مدى جاذبية السوق للمشروع المقترح، ويتضمن تحليل وعرض للنقاط التالية:

  • تحليل حجم السوق: تقدير حجم السوق الحالي والمستقبلي للمنتج أو الخدمة، وتحليل المؤشرات السوقية وخصوصية المجال.
  • تحليل العملاء: تحديد الشرائح المستهدفة من العملاء، وخصائصهم، وطرق الوصول إليهم وإقناعهم.
  • تحليل المنافسين: دراسة أوضاع المنافسين الحاليين، نقاط قوتهم وضعفهم، وحصصهم السوقية.
  • ردود فعل المنافسين المتوقعة: توقع التحركات المحتملة للمنافسين عند دخول المشروع للسوق.
  • المبيعات المتوقعة: تقدير حجم المبيعات المتوقعة للمشروع بناءً على تحليل الطلب والمنافسة.
  • قنوات التوزيع: تحديد أفضل قنوات التوزيع للوصول إلى العملاء المستهدفين.
  • الأفكار التسويقية: اقتراح استراتيجيات وأفكار تسويقية مبتكرة لضمان نجاح المنتج وجذب المستهلكين.

3. الجزء التمويلي (الدراسة المالية)

يركز هذا الجزء على الجوانب المالية للمشروع لتقييم ربحيته وجدواه الاقتصادية، ويتضمن تحديد وتحليل ما يلي:

  • الموازنة التقديرية: تقدير تفصيلي للتكاليف الاستثمارية وتكاليف التشغيل والإيرادات المتوقعة.
  • تحليل نقطة التعادل: تحديد حجم المبيعات الذي تتساوى عنده الإيرادات الكلية مع التكاليف الكلية.
  • النسب المالية الأساسية: كيفية احتساب النسب المالية الهامة (مثل العائد على الاستثمار، فترة الاسترداد، نسب السيولة) والحفاظ عليها عند مستويات مقبولة.
  • مصادر التمويل: تحديد مصادر التمويل المتاحة (تمويل ذاتي، قروض، مستثمرين) وكيفية التعامل مع الدائنين.
  • تكاليف عناصر الإنتاج: طريقة احتساب تكاليف الأيدي العاملة، إيجار المواقع، شراء أو استئجار المعدات.
  • الموقف المالي المتوقع: توقع المركز المالي للمشروع وقدرته على تحقيق الأرباح على المدى القصير والمتوسط والطويل.

4. الجزء الإداري والتنظيمي

يتناول هذا الجزء كيفية إدارة وتنظيم المشروع لضمان سير العمل بكفاءة، ويتضمن:

  • أسلوب الإدارة: تحديد الفلسفة والأسلوب الإداري المتبع في المشروع.
  • الهيكل التنظيمي: تصميم هيكل تنظيمي يوضح الإدارات والأقسام والوظائف المختلفة في المشروع.
  • المستويات والصلاحيات الوظيفية: تحديد المسؤوليات والصلاحيات لكل منصب وظيفي.
  • فريق الإدارة: التعريف بالقائمين على إدارة المشروع وعرض خبراتهم ومؤهلاتهم (السيرة الذاتية).

5. الملحقات

يحتوي هذا الجزء على جميع المواد الداعمة والتوضيحية التي تعزز الدراسة، مثل:

  • رسوم وتصاميم المنتج.
  • أشكال بيانية توضح حصص المنافسين أو تطور حجم السوق.
  • تفاصيل عن الموردين الرئيسيين أو قنوات التوزيع.
  • رسوم بيانية لتطور المبيعات أو الأرباح المتوقعة.
  • بيانات إضافية عن مناطق التوزيع أو التركيبة السكانية للعملاء.

مراحل دراسة المشروع (دورة حياة المشروع)

إن تطوير أي مشروع، بدءاً من كونه مجرد فكرة وانتهاءً بتشغيله الفعلي، هو عملية متكاملة تمر عبر عدة مراحل متتابعة ومترابطة. يُطلق على هذه السلسلة من المراحل اسم "دورة تطور المشروع" (Project Cycle) أو "دورة حياة المشروع". تتكون هذه الدورة بشكل أساسي من خمس مراحل رئيسية:

  1. مرحلة تحديد أو تشخيص المشروع (الأفكار): وهي مرحلة البحث عن الأفكار الواعدة وتقييمها مبدئياً.
  2. مرحلة إعداد أو صياغة المشروع (دراسة الجدوى): وهي مرحلة إعداد دراسة الجدوى التفصيلية للمشروع الذي تم اختياره.
  3. مرحلة تقييم المشروع: وفيها يتم تقييم دراسة الجدوى لاتخاذ قرار بالاستثمار في المشروع أو التخلي عنه.
  4. مرحلة التنفيذ أو الاستثمار: وهي مرحلة إقامة المشروع وتجهيزه للتشغيل.
  5. مرحلة التشغيل: حيث يبدأ المشروع في الإنتاج أو تقديم الخدمات، وتبدأ مهمة إدارة عملياته اليومية.

سنركز هنا بشكل أكبر على المرحلة الأولى المتعلقة بتحديد الأفكار.

مرحلة تحديد أو تشخيص المشروع (الأفكار)

تعتبر هذه المرحلة هي نقطة البداية لأي مشروع، وتمر عادة بالأنشطة المتتابعة التالية:

  • توليد فكرة المشروع: إيجاد فكرة أولية لمشروع معين.
  • غربلة الأفكار: تصفية الأفكار واستبعاد غير الواعدة منها.
  • دراسة ما قبل الجدوى: إجراء دراسة أولية سريعة لتقييم جدوى الأفكار المتبقية.
  • تقييم دراسات ما قبل الجدوى: اتخاذ قرار بشأن الفكرة التي سيتم إعداد دراسة جدوى تفصيلية لها.

مصادر فكرة المشروع

يمكن أن تأتي أفكار المشاريع الجديدة من مصادر متنوعة، منها:

  • دراسة إحلال الواردات (استبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية).
  • دراسة الصناعات الحالية وتحديد فرص التطوير أو التوسع.
  • فحص علاقات التشابك الصناعي وتحليل المدخلات والمخرجات لتحديد فرص جديدة.
  • استخدام القوائم الصناعية للتعرف على القطاعات الواعدة.
  • الخبرة السابقة للمستثمر في مجال معين.
  • زيارة المعارض التجارية والصناعية الدولية.
  • دراسة التشريعات والقوانين الجديدة التي قد تخلق فرصاً استثمارية.
  • مراجعة المشروعات القديمة التي لم تنفذ أو لم تكن مجدية في الماضي.
  • تلبية الاحتياجات الأساسية غير المشبعة للسكان.
  • تحديد المشروعات بناءً على خطط التكامل الإقليمي.
  • تحديد المشروعات العامة بناءً على متطلبات تطوير البنية التحتية.
  • استقصاء آراء المؤسسات والمشروعات الصناعية القائمة.
  • برامج واتفاقيات التعاون المشترك بين الدول أو الشركات.

غربلة الأفكار وترتيبها

بعد توليد مجموعة من الأفكار، تأتي مرحلة الغربلة لاستبعاد الأفكار غير المناسبة أو غير المجدية. تتم هذه العملية عادة على مرحلتين:

المرحلة الأولى (استمر أم لا تستمر): يتم حذف الأفكار المشكوك في نجاحها بشكل كبير من خلال الإجابة على أسئلة حاسمة مثل:

  • هل هناك قيود أو احتكارات تمنع توفر عوامل الإنتاج أو ترفع تكلفتها بشكل كبير؟
  • هل رأس المال المطلوب مبالغ فيه أو يصعب تدبيره؟
  • هل إنتاج المشروع محظور قانوناً؟
  • هل يؤدي المشروع إلى مخالفة القواعد الحكومية (مثل قوانين حماية البيئة)؟
  • هل يتعارض المشروع مع سياسات الدولة أو القيود التي تفرضها؟
  • هل توجد صناعة احتكارية مؤثرة قد تعيق نجاح المشروع؟

المرحلة الثانية (مصفوفة التقييم): يتم تقييم الأفكار المتبقية وترتيبها باستخدام مصفوفة تأخذ في الاعتبار عوامل متعددة مثل الجوانب السوقية (تقدير الطلب، نظم البيع، فرص التصدير)، والجوانب الفنية (توفر التكنولوجيا، المواد الخام، العمالة)، والجوانب المالية (حجم الاستثمار، الربحية المتوقعة)، وغيرها من العوامل الهامة.

خاتمة

إن إعداد دراسة جدوى شاملة ودقيقة ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو استثمار ضروري لنجاح أي مشروع. تساعد دراسة الجدوى على فهم أعمق للسوق والمنافسين، وتحديد المتطلبات المالية والفنية والإدارية، وتقييم المخاطر المحتملة ووضع خطط لمواجهتها. من خلال اتباع الخطوات والمراحل الموضحة في هذا الدليل، يمكن لأصحاب المشاريع ورواد الأعمال زيادة فرص نجاح مشاريعهم وتحقيق أهدافهم بكفاءة وفعالية.

أنت الان في اول موضوع
هل كان المقال مفيداً؟:

تعليقات

المحتويات